عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت، فقال: «أجعلتني لله نداً، بل ما شاء الله وحده» رواه أبو داود والنسائي.
الند هو: الشبيه، والمثيل، والنظير، والمعنى: أجعلتني شبيهاً لله، ومثيلاً لله، وشريكاً له في المشيئة؟ ثم أمره أن يستبدل هذه اللفظة بلفظة التوحيد، فيقول: «ما شاء الله وحده»، وهذا من باب الإرشاد إلى الأكمل، وإلا لو أنه قال: ما شاء الله، ثم شئت، لكان جائزاً، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أرشده للأفضل، والأكمل من الألفاظ، فكلما كان العبد مُعَظِّماً لربه، ومنزهاً له عن أن يشرك معه غيره، أو يساوي بين إرادة المخلوقين وإرادته، كان أكمل إيماناً، وأبعد عن الشرك.
وفي الحديث بيان أن من سوّى العبد بالله، وأشركه معه، ولو في الشرك الأصغر، فقد جعله نداً لله، شاء أم أبَى، وقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم على القائل وقال له: «أجعلتني لله نداً»، دون النظر هل هو يقصد أن يساويه صلى الله عليه وسلم بالله تعالى أم لا، وهذا دليل على أن النية لا تغني عن هذا الفعل شيئاً، وإنما يُؤخذ بظاهر الكلام، وهذا من باب سد الطرق الموصلة إلى الشرك، فإنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرك، ونهى عن الطرق الموصلة إليه، فإذا تلفظ العبد بذلك -ولو كان لا يعتقد- فهذا وسيلة إلى الاعتقاد فيما بعد، فيُمنعُ اللفظ وإن كان لا يعتقد بمعناه لئلا يفضي هذا إلى الإعتقاد، وهذا يشهد لما قاله ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى {...فلاتجعلوا لله أنداد وأنتم تعلمون} [البقرة:22]، حيث قال: هو قول الرجل: لولا الله وفلان، لولا البط لأتى اللصوص، ففسر إتخاذ الأنداد بهذه الأشياء.
وفي الحديث دليل على وجوب إنكار المنكر، لاسيما إذا كان هذا المنكر شركاً يُخلُّ بالعقيدة، فإنه لا يجوز السكوت عليه، بل يجب أن يُنَبه الشخص، ويُوجَّه إلى التعلم، وعندما وصف الله سبحانه وتعالى هذه الأمة بأنها خير أمة أُخرِجت للناس كان السبب أنها تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر.
جعلنا الله تعالى وإياكم من العالمين، العاملين بما أنزل الله، وصل اللهم وسلم وبارك على محمد.
المصدر: موقع دعوة الأنبياء.